![]() |
تبون |
نشاط مكثف للرئيس تبون لتجسيد رؤية 2027
ظهر واضحا أن الرئيس عبد المجيد تبون دخل مرحلة جديدة من الحراك السياسي والاقتصادي المكثف، عنوانها البارز "الجزائر بخير وتسير في الطريق الصحيح". ومن التغيير الحكومي الذي جاء بسيفي غريب من وزارة الصناعة إلى الوزارة الأولى، إلى اللقاءات المتعددة مع الإعلام الوطني، مرورا بحواره المعمق مع رجال الأعمال والشركات الوطنية المشاركة في المعرض الإفريقي للتجارة البينية، ثم اجتماعه السنوي مع قيادات المؤسسة العسكرية، وصولا إلى إشرافه على افتتاح السنة القضائية بالمحكمة العليا، ظل الخطاب الرئاسي واحدا في جوهره، متماسكا في أهدافه التي وضعها نصب عينيه وهي الاقتصاد الوطني في تعاف والتنمية في منحاها التصاعدي والرهان على المواطن الجزائري ثابت لا يتغير.
وما يميز هذا الحراك الذي بدأ في مطلع سبتمبر الماضي، أنه يمثل حلقة جديدة في مشروع متكامل بدأه تبون منذ انتخابه في 2019، حين تعهّد أمام الشعب الجزائري بـ54 التزاما لإرساء دعائم الجزائر الجديدة.
ومع إعادة انتخابه في سبتمبر 2024، أكد الرئيس تبون أن العهدة الثانية من ولايته ستكون مرحلة السرعة القصوى في تجسيد الإصلاحات، عبر تعميق الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، وإخراج البلاد من دائرة الركود والاعتماد على الريوع البترولية إلى ديناميكية العمل والإنجاز الملموس وتنويع الإيرادات.
وتتمحور رؤية تبون، كما أوضحها في خرجاته سالفة الذكر، حول مبدأ الاعتماد على الذات، اقتصاديا وإداريا عبر الرقمنة كخيار استراتيجي وضامن للانتقال والتغيير وتحصين القرار الوطني من أي تبعية خارجية.
ولكونه عايش أزمات المديونية في الثمانينيات والتسعينيات، فهو، أي الرئيس تبون، يدرك تمام الإدراك أن الاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بسيادة اقتصادية متحررة من الإملاءات يحميها جيش وطني قوي، لذلك شدد في كل مناسبة على رفض العودة إلى القروض الخارجية، داعيا إلى ترشيد الإنفاق العمومي والابتعاد عن الرشوة والفساد، وإعادة توجيه السلوك الاستهلاكي نحو الإنتاج المحلي
وما التحولات الجارية اليوم في قطاعات الطاقة والصناعة والفلاحة والبنية التحتية، إلا أمثلة لذلك، حيث أنها تعكس بوضوح رؤية تبون وفريقه الحكومي ومشاريع السكك الحديدية والموانئ الجديدة وخطط الربط الجوي والبري بين الولايات الداخلية والمناطق الحدودية، على سبيل المثال لا الحصر، ليست مجرد إنجازات تقنية وإنما هي أدوات لربط الاقتصاد الوطني بمجاله الحيوي الإفريقي والمتوسطي على صعوبة اقتحام الأسواق الأوروبية المدججة بالعوائق والحواجز البيروقراطية تحت عنوان اشتراطات الجودة والصحة العمومية، يطمح الرئيس تبون من خلالها وفي أفق 2027، إلى جعل الجزائر منصة إقليمية لعبور السلع والخدمات بين الشرق والغرب وبوابة رئيسية للأسواق الإفريقية بما يثبت مكانتها كقوة صاعدة في محيطها
سياسيا، يعكس انفتاح الرئيس تبون على الإعلام وتكثيفه للقاءات الدورية مع الفاعلين الاقتصاديين والمؤسسات السيادية، توجّها نحو الشفافية والشراكة في القرار، وهو ما يمنح خطابه مصداقية ميدانية ويؤسس لثقافة سياسية جديدة قوامها الحوار والتقييم المستمر. أما على الصعيد الاجتماعي، فيبرز حرصه على تحسين القدرة الشرائية ومواصلة دعم الفئات الهشة دون المساس بالتوازنات المالية للدولة.
خلاصة القول، يسعى الرئيس تبون - بناء على تصريحاته المتضمنة في خطبه الأخيرة، إلى تأكيد على هندسة نقلة عميقة تجعل الجزائر بحلول 2027 في مصاف الدول النامية بعد عقود من تصنيفها ضمن البلدان السائرة في طريق النمو، وحراكه المكثف منذ مطلع سبتمبر ليس سوى تجسيد عملي لهذا الطموح ورسالة واضحة، مفادها أن "الجزائر الجديدة تبنى بالعمل والاعتماد على الذات، لا بالشعارات ولا بالانتظار"
0 Comments: