مناقصات النفط في الجزائر... منح حرية اختيار مواقع التنقيب للشركات
تعكف السلطات الجزائرية، في الوقت الراهن، على إعادة النظر في طريقة طرح المناقصات الدولية الخاصة بقطاع الطاقة، بما في ذلك التنقيب، الاستكشاف، الإنتاج والنقل. ويأتي ذلك من خلال اعتماد أسلوب جديد يهدف إلى ضمان مشاركة فعالة من الشركات البترولية العالمية. الطريقة الجديدة، التي تسعى الجزائر – وتحديداً الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات "النفط" باعتبارها الجهة المخولة طرح هذه المناقصات وتنظيمها – لتطبيقها، تقوم على منح الشركات الناشطة في مجال المحروقات فرصة اختيار المواقع التي ترغب في التنقيب فيها.
ويتمثل هذا الإجراء، الذي سيُدرج في المناقصات الدولية المقبلة، وفق ما أكدته مصادر مقربة من الملف لـ"العربي الجديد"، بعكس المسار التقليدي، إذ توضع المعلومات الأولية لعدد من المواقع النفطية والغازية تحت تصرف الشركات الاستثمارية، وتُترك لها حرية اختيار المواقع التي تثير اهتمامها بناءً على المعطيات المتاحة.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الحكومة الجزائرية والقائمين على قطاع الطاقة يعولون على هذا الأسلوب لضمان مشاركة أوسع من قبل المتعاملين. فإبداء الرغبة يُعتبر موافقة أولية، ما يعزز المنافسة بينهم ويعود بالفائدة على الاقتصاد الجزائري، وقطاع الطاقة تحديداً. ويختلف ذلك عن الطريقة القديمة حين كانت وكالة "النفط" تحدد مواقع الاستثمار بشكل منفرد، من دون استشارة المعنيين، ما أدى إلى عزوف بعض الشركات عن المشاركة وضعف التنافسية في المناقصات السابقة.
وتندرج هذه التدابير، أيضاً، ضمن توجهات السلطات الجزائرية لتحفيز الشركات النفطية والغازية العالمية على الاستثمار في الحقول الوطنية والتنقيب عن أخرى جديدة، في إطار رفع القدرات الإنتاجية للبلاد. ويشمل ذلك ورشة إصلاح ومراجعة قانون المحروقات لجعله أكثر جاذبية، خصوصاً أن الجزائر تواجه تحدي الحفاظ على مستويات التصدير الحالية لضمان التوازن المالي، إضافة إلى تغطية الاستهلاك المحلي المتنامي بفعل الزيادة المطردة في عدد السكان.وكانت المناقصة الدولية الأخيرة التي أطلقتها الجزائر لاستكشاف المحروقات واستغلالها، والمعروفة باسم "ألجيريا بيد راوند 2024"، قد اعتبرتها وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية "تتويجاً للإصلاحات الهيكلية العميقة" التي بادرت بها الدولة، خصوصاً من خلال القانون 19-13 المنظم لنشاطات المحروقات، والقانون 22-18 المؤرخ في 24 يوليو/تموز 2022 المتعلق بالاستثمار، بهدف توفير إطار قانوني ومؤسساتي محفّز وجاذب للاستثمار قائم على الشفافية والتنافسية.وتضاف إلى ذلك الجهود التي تبذلها السلطات الجزائرية في التفاوض مع الشركاء وفق رؤية تهدف إلى تحقيق التوازن والوقوف على مسافة واحدة من الجميع، وخصوصاً في القطاعات الاستراتيجية. ويبرز في هذا السياق قطاع النفط والمحروقات، الذي بدأت الشركات الأميركية العملاقة تدخله بشكل واضح، في مقابل قطاع المناجم الذي تستثمر فيه الشركات الصينية، وعلى رأسها مشروع استغلال منجم غار جبيلات للحديد والصلب في ولاية تندوف جنوب غربي البلاد.
0 Comments: