الثلاثاء، 1 يوليو 2025

الجزائر - إسبانيا: الأزمة أصبحت من الماضي

 

الجزائر - إسبانيا
الجزائر - إسبانيا

الجزائر - إسبانيا: الأزمة أصبحت من الماضي

إن عودة العلاقات بين الجزائر وإسبانيا إلى وضعها الطبيعي، التي تجسدت أكثر أمس بزيارة الوزير الأول نذير العرباوي للمشاركة في مؤتمر حول "تمويل التنمية"، تعتبر مسارا طبيعيا للعلاقات بين البلدين، يفرضه المنطق البرغماتي، بالنظر إلى التاريخ الذي يجمعهما وموقعهما كدولتين وازنتين في المنطقة المتوسطية والمصالح المشتركة المختلفة الاقتصادية والأمنية التي تربطهما.

تعرف العلاقات الثنائية بين الجزائر وإسبانيا حركية متنامية خلال السنة الجارية، أعقبت فترة من الأزمة الحادة التي طبعت البلدين ما بين سنتي 2022 و2024، بسبب موقف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز المفاجئ حتى لشركائها في الحكومة من قضية الصحراء الغربية.

وكانت الجزائر قد ردت على قرار رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في مارس 2023، باعتبار الحكم الذاتي هو الخيار الوحيد لحل أزمة الصحراء الغربية وبسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في تحول غير مبرر لموقفها التقليدي من النزاع، خاصة أن إسبانيا تعتبر المستعمر التاريخي للإقليم والقوة المديرة له وفق ما ينص عليه القانون الدولي، بالإضافة إلى كون مدريد عضوا في مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية في الأمم المتحدة المعنية بصياغة مشاريع القوانين المتعلقة بالنزاع.

هذا الموقف اعتبرته الجزائر خطوة خطيرة لها انعكاسات مضرة على مسار الحل للنزاع وعلى المنطقة، فقامت بسحب سفيرها من مدريد وعلقت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين البلدين الموقعة سنة 2002، إلى جانب فرضها قيودا اقتصادية صارمة.

وتضررت العلاقات بين البلدين وكان للإجراءات الجزائرية ارتدادات سلبية على المتعاملين الاقتصاديين الإسبان، بالإضافة إلى خسارة إسبانيا مشاريع طاقية كانت تخطط الجزائر لإقامتها معها، حيث حولت الجزائر وجهتها بسبب الموقف الإسباني غير المبرر، وارتفعت الأصوات في إسبانيا في أوساط المعارضة وحتى داخل الحزب الشعبي، بالإضافة إلى الشارع الإسباني المطالب بمراجعة رئيس الحكومة مواقفه.

وعبر مسؤولون إسبان بعدها في أكثر من مناسبة، على غرار وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل الباريس، أن الحل يبقى تحت مظلة الأمم المتحدة وأن "بطلي المفاوضات في الأمم المتحدة هما المغرب وجبهة البوليساريو".

عناصر الخطاب الجديدة ساهمت بشكل لافت في توجيه بوصلة الأزمة نحو الحلحلة، وأعرب ألباريس في بداية 2023 عن "رغبة بلاده في إعادة الدفء للعلاقات مع الجزائر وتوجيهها في ضوء الصداقة بين الشعبين"، بالتزامن مع إعلان الجزائر عزمها إعادة سفيرها إلى إسبانيا.

وزاد إدراك إسبانيا أهمية ترميم علاقاتها مع الجزائر بعد الدور الذي لعبته في تحرير الرهينة الإسباني نافاروا كانادا خواكيم، الذي كان مختطفا على الحدود الجزائرية المالية. وعبّر ألباريس عن شكر بلاده للجزائر وأكد دعم إسبانيا لدور الجزائر في تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل.

وإلى جانب حاجة البلدان إلى تطبيع العلاقات وتطويرها بالنظر إلى موقعهما ودورهما في غرب المتوسط، من شأن هذا التقارب أن يكون مفيدا ويعيد الحركية للتعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية والأمنية، ليس بين البلدين ولكن لكل المنطقة والتي ستتعزز بالعودة التدريجية للعلاقات، وستعطي الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين زخما مضطردا خلال السنتين المقبلتين.

ويتعدى التعاون بين الجزائر ومدريد المسائل المرتبطة بالعلاقات الثنائية إلى مسائل ذات بعد دولي، على غرار القضية الفلسطينية. ومعروف أن لإسبانيا موقفا متقدما في دعم القضية الفلسطينية بشكل عام وبخصوص ما يجري من إبادة في قطاع غزة بشكل خاص، وهو عامل يكون قد ساهم في التقارب بين البلدين.

في منطق السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم، وكما عرفت العلاقات بين الجزائر أزمة حادة، تتجه هذه الأزمة نحو الانفراج وعودة التوازن للعلاقات بين البلدين الجارين، الذي سيسهم إيجابا على البلدين وعلى المنطقة

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: