الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

مكانة رائدة للجزائر في العمق الإفريقي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

 كرست الزيارة الأخيرة  لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد  عطاف، إلى دول مجموعة "ايكواس" الأهمية التي توليها الجزائر للبعد الإفريقي، حيث لم تكن مجرد البحث عن  تنسيق المواقف لحل أزمة النيجر  فحسب، بل كانت مناسبة أيضا للتأكيد على تعزيز التعاون البيني وفق رؤية استشرافية تخدم المصلحة المشتركة من جهة، وتفعيل العمل الإفريقي من جهة أخرى، ما جعل رؤساء بعض الدول كغانا والبنين مثلا يتطلعان لزيارة الجزائر في أقرب الآجال.


تعكس رغبة الرئيسين الغاني نانا أكوفو أدو، والبنيني باتريس تالون، في لقاء رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، الاهتمام الذي يوليانه لإعطاء انطلاقة نوعية جديدة للعلاقات بين الجزائر وهذين البلدين، في ظل الوزن الذي تحظى به الجزائر على المستوى الإقليمي والجهوي مما جعلها تستقطب العديد من الوفود الأجنبية الهامة من مختلف القارات.


وضمن تكييف سياستها الخارجية مع  الرهانات الجديدة أولت الجزائر منذ انتخاب الرئيس تبون، أهمية خاصة للعمق الإفريقي مرتكزة على تصورات جديدة تعزز دورها الإقليمي في إفريقيا التي أضحت خيارا استراتيجيا للجزائر، خاصة على المستوى الاقتصادي من منطلق أن قوة الدول تقاس بقوة اقتصادها.


وسبق لرئيس الجمهورية، أن أكد في هذا الصدد أن العمل على عودة الجزائر إلى الساحة الإفريقية يندرج ضمن أولوياته لنيل حصتها التي تستحقها من الحضور على المستوى الإفريقي سياسيا واقتصاديا، من منطلق أن "الجزائر مصيرها إفريقي وامتدادها إفريقي ولم شمل إفريقيا لا يكون إلا بمساعي الدول الإفريقية".


فضلا عن ذلك فإن استعادة الجزائر لثقلها الدبلوماسي والإقليمي في القارة السمراء تعد من الالتزامات 54 التي تضمنها البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، ما دفع بعديد الدول الإفريقية لتقديم طلبات للجزائر لتحريك آلتها الدبلوماسية في حل النزاعات الداخلية والخارجية على المستوى القاري.


وتنبع قناعة رئيس الجمهورية، انطلاقا من أن إفريقيا ستكون مستقبل العالم بالنظر لما تزخر به من ثروات اقتصادية هائلة، ما جعل مختلف القوى الدولية تتهافت عليها في ظل حاجتها إلى امتداد جغرافي يمكنها من الولوج إلى الأسواق الإفريقية، غير أن ذلك يتطلب وجود شريك موثوق يتوفر على شبكة نقل واسعة، وهو ما ينطبق على الجزائر التي تربطها علاقات جيدة مع  العديد من الشركاء سياسيا واقتصاديا.


وموازاة مع الدور السياسي الفعّال الذي تؤديه الجزائر استنادا إلى تجربتها الكبيرة على المستوى الدولي، ركز الرئيس تبون، على ضرورة أن تعزز الجزائر وجودها الاقتصادي في إفريقيا من خلال تنفيذ مشاريع مشتركة مع دول القارة، مثل أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي سينقل الغاز من نيجيريا إلى أوروبا مرورا بالجزائر والنيجر.


كما تراهن على إطلاق مشاريع اقتصادية ضخمة على غرار تموين إفريقيا بالكهرباء وإقامة مشاريع سكك حديدية تربط الدول الإفريقية التي ليس لديها سواحل، فضلا عن العمل على تدارك التأخر المسجل في خطوط النّقل بالدول الإفريقية، على غرار الخط الجوي بين الجزائر و جنوب إفريقيا وخط بحري نحو السنغال، في الوقت الذي اختار فيه العديد من رجال الأعمال الجزائريين إفريقيا كوجهة من أجل تنمية استثماراتهم.


اهتمام الجزائر بالقارة السمراء ليس وليد اليوم، بل عمدت منذ استقلالها على تدعيم وتنويع علاقاتها مع دول القارة باعتبارها المجال الطبيعي والمباشر لسياستها الخارجية، ويندرج المسار العام لعلاقات الجزائر بمحيطها الإفريقي في إطار المبادئ الأساسية التي تقود سياستها الخارجية مع دول العالم الثالث.


وتتمحور هذه المبادئ حول تحقيق أهداف توحيد دول العالم الثالث في الدفاع عن مصالحها وحقوقها، دعم حركات التحرر الوطنية، تكوين جبهة من الدول التقدمية في العالم الثالث، تشجيع ودعم التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب ثم الدعوة لإقامة نظام اقتصادي دولي جديد.


وفي خضم المعطيات والظروف الدولية  المعقّدة اهتدت الجزائر إلى أسلوب التعاون الثنائي لإرساء دعائم الشراكة الاستراتيجية مع دول القارة، لإحداث الحركية الاقتصادية الكفيلة بالمساهمة في تطور حجم ووتيرة المبادلات التي تتطلبها مسارات التكامل الناجحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق